بمناسبة إحياء اليوم العالمي للماء، التأم مسؤولون و منتخبون في لقاء موسع لبحث سبل الترشيد المعقلن للمياه في زمن الإجهاد و الندرة، صباح اليوم الجمعة 22 مارس 2024 بمقر ولاية جهة سوس ماسة.
في هذا السياق، أكد سعيد أمزازي، والي جهة سوس ماسة عامل عمالة أكادير اداوتنان في كلمته خلال الإجتماع، على “أهمية هذا اللقاء الذي يأتي هذه السنة في سياق وطني تطبعه الجهود المبذولة على كل المستويات لتنفيذ التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى التصدي لإشكالية الماء وما تفرضه من تحديات ملحة في الحاضر والمستقبل، وأخذها في كل أبعادها بالجدية اللازمة. في ظل ظرفية عامة تطبعها حالة الإجهاد المائي التي تعرفها بلادنا بفعل تفاقم ظاهرة التغير المناخي”.
و أشار الوالي إلى أن “الإحتفاء بهذه المناسبة، يعد فرصة للوقوف عن كثب على الوضعية العامة لهذا القطاع البالغ الأهمية بجهة سوس ماسة، التي تعيش منذ سنوات متتالية، موجة جفاف متواصلة و ندرة متزايدة في التساقطات المطرية، الشيء الذي ترتب عنه عجز مائي كبير، خصوصا على مستوى واردات السدود، مما جعلها تصل إلى مستويات متدنية، بحيث أصبح التحدي يتمثل في توفير الماء الشروب للمواطنين، ولاسيما في المرحلة الحالية التي تعرف فيها الجهة متطلبات متزايدة في الأنشطة السياحية والصناعية والفلاحية”.
و استطرد قائلا: “ونظرا للحالة الحرجة للموارد المائية، قامت اللجنة الجهوية للماء في دجنبر الماضي بوضع مخطط إنقاذ لمواجهة هذه الوضعية في صيغة برنامج استعجالي، والذي كان وراء إعطاء الإنطلاقة الوطنية لوضع مخطط إنقاذ، مؤكدا بأن التساقطات المطرية الأخيرة أمنت أكثر من سنة من الماء الشروب”.
وأوضح الوالي بأن ” هذا اللقاء يكتسي أهمية قصوى، إذ يشكل جسرا للتواصل والتداول حول إشكاليات تدبير ندرة الموارد المائية واستراتيجيات تحسينها، ويجمع بكل مسؤولية مختلف الفاعلين المعنيين، من سلطات ومنتخبين ومصالح لاممركزة ومؤسسات عمومية ومجتمع مدني، في إطار من الإلتقائية والتنسيق الكاملين حول مشروع موحد”.
و واصل قوله بالقول: ” بأن هذه مناسبة لتسليط الضوء على سبل تفعيل حماية الموارد المائية ومكافحة مختلف مظاهر الإستنزاف والإستغلال العشوائي لها و إغنائها بالمصادر غير التقليدية، للتقليل من الاعتماد على الأمطار، والتوسع في الاستثمار في الموارد المائية البديلة لضمان مواكبة هذا القطاع لبرامج التنمية السوسيو اقتصادية، ومواجهة الندرة بالتحكم في الموارد المتوفرة وتثمينها وتخزينها وعقلنة استخدامها”.
و أكد والي الجهة بأن هذا اللقاء مناسبة إضافية للوقوف على الحملة التحسيسية التي قامت بها جماعة أكادير بمعية باقي الفاعلين المعنيين لتوعية عموم المواطنين بأهمية الإقتصاد في استهلاك الماء، ومحاربة مختلف أشكال تبذيره، وخير دليل على ذلك الشعار الذي اخترناه لإحياء هذا اليوم”.
هذا، و عرف هذا اللقاء إلقاء مجموعة من العروض التقديمية، التي بنيت أسسها على الحالة الراهنة و المشاريع المبرمجة لتأمين و تقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بجهة سوس ماسة.
في هذا السياق، تحدث نور الدين كسي مدير المكتب الجهوي للإستثمار الفلاحي سوس ماسة، عن المشاريع المهيكلة المتعلقة بالماء وتطور آليات الحكامة، بالعودة إلى الفترة ما بين 1970 و 1990، والتي تميزت بتشييد السدود والإعداد الهيدروفلاحي لمدارات السقي الكبير والأحواض التقليدية المستصلحة، ثم إلى الفترة ما بين 1990 و 2000، والتي عرفت تدبيرا تشاركيا للري، و دروع تجويد السقي الكبير، ثم الفترة ما بين 2000 و 2008، التي تميزت بالتوقيع على الإتفاقية الإطار، بالإضافة إلى إطلاق الشراكة بين القطاع العام والخاص(مدار الكردان). وصولا إلى الفترة ما بين 2008 و 2020، والتي عرفت انطلاق البرنامج الوطني لاقتصاد مياه الري وبرنامج توسيع السقي، زد على ذلك الشراكة بين القطاع العام والخاص ثم تعبئة المياه غير التقليدية، و تحلية مياه البحر لاشتوكة.
وتطرق مدير المكتب الجهوي للكهرباء والماء الصالح للشرب، قطاع الماء،خلال عرضه إلى المشاريع المبرمجة للتزويد بالماء الصالح للشرب بجهة سوس ماسة، حيث تحدث عن أهم المشاريع المبرمجة في البرنامج الوطني للماء الشروب ومياه السقي 2020 -2027، بما فيهم البرنامج الإستعجالي للتزويد بالماء الصالح للشرب، ثم ختم عرضه بمجموعة من الاقتراحات والتي تروم اقتراح انجاز قناه للربط بين سد عبد المومن وسد الدخيلة لتفادي ضياع الماء وتأثر جودته خلال مجرى الوادي، و العمل على تعبئة الموارد المالية لتثنية قناه المياه المحلات انطلاقا من محطة التحلية إلى خزانات مدينة أكادير وخاصة الشطر الاستعجال، و كذا العمل على إخراج اتفاقيات استغلال وتسيير محطات التحلية المتنقلة لضمان ديمومة استغلالها، فضلا عن مواصلة إنجاز أثقاب عميقة لتزويد المناطق الجبلية البعيدة عن منظومة محطة التحلية.
من جهته، أشار يوسف التازي مدير الوكالة المستقلة المتعددة الخدمات لأكادير، في عرضه إلى أنه “نظرا للإجهاد المائي الذي تعرفه بلادنا عموما وجهة سوس ماسه تحديدا، وذلك بسبب توالي سنوات الجفاف وضعف التساقطات ما أدى إلى تدني حقينة السدود، وتراجع مستوى الفرشة المائية، أصبح اللجوء إلى المياه غير الإعتيادية، البديل الأساس الذي سيساهم في نقص العجز المائي الذي تعرفه الجهة عامة، و أكادير الكبير خاصة”.
وتابع: ” و من أجل معالجة ظاهرة الجفاف التي يعيشها المغرب منذ سنوات، تم وضع مخطط استعجالي لمكافحة هذه الظاهرة وندرة المياه، ويشمل المخطط مجموعة من الإجراءات على المدى القصير لضمان توفير المياه الصالحة للشرب، لا سيما في المدن والمراكز والقرى التي تعرف عجزا أو من المحتمل أن تعرفه”.
و ختم حديثه بتكليف وزارة الداخلية للوكالة المستقلة المتعددة الخدمات لأكادير بالإشراف المنتدب على إنجاز مشروع إنشاء 203 وحدة لتحلية المياه”.
من جهتها تطرقت المديرة الجهوية للصحة لمياء شاكري في عرضها، إلى استراتيجية وزارة الصحة للحفاظ على الماء، والتي تتمثل في أربعه محاور أساسية تهم المراقبه الوبائية ومكافحة الأمراض، و تحليل ومراقبة المياه، ثم التنسيق والشراكة مع الإدارات المعنية، فضلا عن التوعية والتثقيف الصحي.
و في ذات السياق، أكد مدير وكالة الحوض المائي لسوس ماسة، رشيد مداح في عرضه، بأنه، تم اتخاذ عدد من الإجراءات بالنظر لحالة الإجهاد المائي المسجلة بحوض سوس ماسة لسنين متوالية، و أشار بهذا الخصوص إلى أن السلطات العمومية بصدد توسعة محطة تحلية مياه البحر باشتوكة والتي تساهم حاليا في تلبية حوالي 65 في المائة من الحاجيات من الماء الصالح للشرب”.
و أبرز أن ” هذه التوسعة ستمكن من إنتاج 48 مليون متر مكعب/السنة إضافية، منها 18 مليون متر مكعب/ السنة، مخصصة للماء الصالح للشرب”.
وأمام هذه الأزمة، أضاف السيد مداح، أنه ” تمت برمجة محطة تحلية جديدة بتزنيت بقدرة إنتاجية تبلغ 70.4 مليون م3/ السنة، منها 10.4 م م3/ السنة، للماء الصالح للشرب والباقي لتثمين سهل رسموكة والمعدر، مشيرا إلى أن الدراسات التقنية جد متقدمة وسيتم إنجاز هذه المحطة على ثلاثة مراحل بغلاف مالي يقدر ب 2.7 مليار درهم”.
و أكد أنه ” تتم كذلك مواصلة إنجاز سدين كبيرين بحوض سوس ماسة، ويتعلق الأمر بكل من سد تامري بحقينة تبلغ 204 مليون م3، وتعلية سد المختار السوسي بحقينة 281 مليون م3، وبغلاف استثماري إجمالي يقدر ب 4.4 مليار درهم”، لافتا إلى أنه ” تتم أيضًا توسعة محطة لمزار لمعالجة المياه العادمة لإعادة استعمالها في ري ملاعب الكولف والمساحات الخضراء، مما سيمكن من التخفيف من الضغط على الموارد المائية الاعتيادية”.